ذهب رجل إلى إبراهيم بن أدهم وقد كان من أطباء القلوب، وقال له:
إنى مسرف على نفسى فاعرض على ما يكون زاجرًا لها ..
فقال له إبراهيم: إن قدرت على خمس خصال، لن تكون من العصاة.
فقال الرجل - وكان متشوقا لسماع موعظته - : هات ما عندك يا إبراهيم.فقال:
الأولى :
- إذا أردت أن تعصى الله فلا تأكل شيئًا من رزقه، فتعجب الرجل، ثم قال متسائلا : كيف تقول ذلك يا إبراهيم والأرزاق كلها من عند الله ؟
فقال: إذا كنت تعلم ذلك، فهل يجدر بك أن تأكل رزقه وتعصيه ؟!
قال : لا ، يا إبراهيم هات الثانية.
فقال إبراهيم :
- إذا أردت أن تعصى الله فلا تسكن بلاده.
فتعجب الرجل أكثر من تعجبه السابق، ثم قال: كيف تقول ذلك يا إبراهيم ؟ والبلاد كلها ملك الله .
فقال له : إذا كنت تعلم ذلك فهل يجدر بك أن تسكن بلاده وتعصيه ؟!
قال: لا، يا إبراهيم، هات الثالثة.
فقال إبراهيم:
- إذا أردت أن تعصى الله فانظر مكانا لا يراك فيه فاعصه فيه.
قال : كيف تقول ذلك يـا إبراهيم؟ وهو أعلم بالسرائر (يعلم السرأخفى) ويسمع دبيب النملة على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء.
فقال له إبراهيم: إذا كنت تعلم ذلك، فهل يجدر بك أن تعصيه ؟!
قال: لا، يا إبراهيم هات الرابعة.
فقال إبراهيم :
- إذا جاءك ملك الموت؛ ليقبض روحك، فقل له: أخرني إلى أجل معدود.
فقال الرجل : كيف تقول ذلك يا إبراهيم؟ والله تعالى يقول: ﴿فَإِذَا جَاءَ تَبَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةٌ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ).
فقال له : إذا كنت تعلم ذلك فكيف ترجو النجاة؟
قال: نعم، هات الخامسة يا إبراهيم.
فقال إبراهيم:
- إذا جاءك الزبانية وهم ملائكة جهنم؛ ليأخذوك إلى جهنم فلا تذهب معهم .