قصة تائب

يقول صاحب القصة

كنا ثلاثة من الأصدقاء .. يجمع بيننا حب اللهو والعبث والفجور.نذهب بالفتيات بعد إغرائهن بالكلام المعسول ... إلى المزارع البعيدة. وهناك كانت أحوالنا أحوال الذئاب .... لا نرحم توسلاتهن ... فقد مات فينا الإحساس !

هكذا كانت أيامنا وليالينا فى المزارع .. فى المخيمات .. والسيارات ... وعلى الشاطئ إلى أن جاء اليوم الذي لا أنساه !  وذهبنا كالمعتاد إلى المزرعة .. كان كل شيء جاهزا .. لكل واحد منا فريسة .. وشراب لكننا كنا قد نسينا شراء الطعام !

ذهب أحدنا لشرائه .. كانت الساعة وقتئذ السادسة مساءً . مرت الساعات دون أن يرجع صديقنا ...

 عند تمام العاشرة شعرت بالقلق والتوتر .. وكأنني أحسست بأن شبا قد وقع ...

انطلقت بسيارتي أبحث عنه وبينما أنا في الطريق .. إذا بي أرمق ألسنة لهب حارق تتصاعد من سيارة على جنب الطريق .. اقتربت .. وجعلت أحملق في السيارة فإذا هي سيارة صاحبي !!

أوقفت السيارة .. ثم خرجت كالمجنون وجريت إلى صديقي .. فأصابني الذهول .. وقتلني الأسى .. وأنا أرى نصف جسمه قد احترق وصار كالفحم قاتما ..

كان لا يزال على قيد الحياة . ... شعرت به حيا ، فتحت الباب بسرعة جنونية .. وأخرجته إلى الأرض محاولا حمله إلى سيارتي لكنني توقفت وأنا أسمعه يهذى: لا فائدة ... لا أمل النار... النار!

فخنقتني الدموع وجعلت أبكى .. وأنا عاجز على إنقاذه من حرارة النيران وسكرات الموت... وفجأة .. نطق بسؤال هز كياني .. وسيظل يتردد في ذهني وذاكرتي طوال الحياة.

قال صديقي وهو ينازع المنية: ماذا أقول له ؟

قُلْتُ : من هو ؟ قال: لي بصوت مهزوز ضعیف خافت: الله .. الله ! 

وقتها ... وقتها فقط ... دب الرعب في جسدى وسرى الخوف في جسمی وأحسست حقاً بحقارة ما نحن عليه.. وبينما أنا كذلك ..

 إذا بصديقي يطلق صرخة مدوية مات على إثرها ... وفارق الحياة. 

جاءت الإسعاف.. وجاءت الشرطة .. وطوى ملفه إلى الأبد.

وفي لحظات الفجر ... وبينما أفكر بالسؤال ...  وأردد العبارة نفسها: «ماذا أقول له ؟! ماذا أقول له؟!».؟

انتابتني قشعريرة .... و خشوع ... ورعشة غريبة. في الوقت نفسه سمعت المؤذن ينادى لصلاة الفجر .. أحسست أنه نداء يخصني .. يعنيني ... عزمت وقتها على التوبة.. وصليت الله .. ورجعت إلى الطريق .. ولم تفتني من يومها فريضة !.

 

   كتاب  « قصص التائبين » 

لفضيلة الشيخ محمود المصري

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال